وقال آخرون : بل أنزل الله تعالى ذكره هذه الآية في سبب قوم كانوا في الجاهلية لا يسعون بينهما فلما جاء الإسلام تخوفوا السعي بينهما كما كانوا يتخوفونه في الجاهلية | أن جبلي الصفا والمروة قد تعرضا عبر الأزمان لتغيرات وهذه التغيرات قد أدت إلى تغير حجم الجبل عما كان في عهد النبي وأن الحكومة السعودية لما همت بالتوسعة استكتبت غير واحد من العلماء ومنهم من عاش في مكة ورآها على طبيعتها لم تتغير معالمها قبل حدوث توسعة الحرم المكي، كما استدعت مجموعة من كبار السن وأدلوا بشهاداتهم أمام القضاء في مكة وسجلت شهاداتهم وهذه الشهادات والنقول كافية في باب الإثبات، كما قامت باختبار عينات جبل الصفا والمنطقة التي شملتها توسعة المسعى من الجهة الشرقية، فأثبتت في تقريرها أن جبل الصفا لسان من جبل أبي قبيس لديه امتداد سطحي بالناحية الشرقية مسامت للمشعر بما يقارب ثلاثين مترًا، ومن المقرر في قواعد الشريعة أن الزيادة المتصلة تتبع أصلها، وأن الزيادة لها حكم المزيد فيه، وأن ما جاور الشيء أخذ حكمه، وهذه القواعد كلها تنطبق على المسعى الجديد من حيث اتصاله بمكان المسعى القديم |
---|---|
وفي التوسعات الأخيرة للمسعى تم استبدال العلمين بمصابيح إنارة، باللون الأخضر، لترى واضحة وترى من بعيد، ولعل الحكمة من السعي الشديد بين العلمين، هو الإقتداء بهاجر زوجة ابراهيم الخليل، الذي كان فعلها أصل مشروعية السعي | كما سميت المروة مفرد المرو، لأجل الحجارة البيض، الصلبة البراقة الموجودة فيها، أو لأجل الصخر القوي المتعرج وهو الأبيض الصلب |
الصفا والمروة من مشاعر البلد الحرام، والسعي بينهما من شعائر والعمرة؛ كما في الكتاب والسنة، وفي السعي بينهما تخليد لقصة هاجر وإسماعيل عليهما السلام، حين تركهما الخليل عليه السلام في واد غير ذي زرع، وقصة ذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: « وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا» رواه.
15العلمان والسعي الشديد بينهما يستحب للساعي بين الصفا والمروة، السعي الشديد بين العلمين، والعلمان: وتسمى الميلان | كان أهل يتبركون بلمس ، ثم يسعون بين الصفا والمروة ويطوفون بإساف أولًا ويلمسونه، كل شوط من الطواف ثم ينتهون بنائلة ويلبون لهما، وكانت تلبيتهم لهما: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك، إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك |
---|---|
في عام هـ قام الشريف حسين بن علي بفرش المسعى بالبلاط بالحجارة الجبلية بغرض إصلاحات وترميم أرض المسعى، وكانت أرضها من قبل ترابًا، فإذا كثر الحجيج تصاعد منها الغبار | وذكر في تفسيره : « الصفا والمروة اسم لجبلين صغيرين متقابلين، فأما الصفا فرأس نهاية جبل أبي قبيس وأما المروة فرأس منتهى جبل قُعَيقِعَانَ، وسمي الصفا لأن حجارته من الصفا وهو الحجر الأملس الصلب، وسمي المروة مروة لأن حجارتها من المرو، وهي الحجارة البيضاء اللينة التي توري النار» |
فقالت عائشة : بئس ما قلت يا ابن أختي , إن هذه الآية لو كانت كما أولتها كانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما , ولكنها إنما أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون بالمشلل وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة , فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالوا : يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة ; أنزل الله تعالى ذكره : { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما }.
وإن كان ذراع اليد 48 سم، فيكون طول المسعى حسب الأزرقي 367 | سبب التسمية سميت الأكمة أو الجبل بالصفا جمع صفاة؛ لأن الصفا والصفوان والصفواء هو الحجر العريض الأملس، أو الصخرة الملساء القوية المختلطة بالحصى والرمل، قال الأزهري: الصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد"، وقال ابن الأثير : الصفا أحد جبلي المسعى" |
---|---|
أما فوق جبل المروة فقد أنشأت قبة صغيرة مزخرفة من الداخل | بذلك أصبحت مساحة التوسعة الإجمالية الجديدة تجاوزت 87 ألف متر مربع، بعد أن كانت المساحة الإجمالية تقارب 29 ألف متر مربع، بزيادة تجاوزت 58 ألف متر مربع، فيما تبلغ مسطحات البناء الإجمالية بكل الأدوار لمناطق السعي والخدمات حوالى 125 ألف متر مربع، وأنشئت مئذنة جديدة بارتفاع 95 متراً ليتناسب عدد المآذن وشكلها مع مساحة التوسعة الجديدة للمسعى |
توسعة المسعى عزيمة لا رخصة، دراسة فقهية تاريخية بيئية جيولوجية الطبعة الأولى.